مدينة بلا سكان
قرية غامضة تنام طوال العام وتستفيق لأيام معدودة فقط… ليست بلدة عادية، بل هي قرية قبر النبي هود عليه السلام، التي تبدو كما لو أنها انتُزِعت من كتاب أسطوري، وتركتها الأرواح لتعانق الصمت.
أسطورة الصخرة والضريح
وسط القرية، يربض قبر النبي هود عليه السلام، محاطًا بقبة بيضاء وصخرة ضخمة يُقال إنها ناقة تحجرت لتدل الناس على مكان النبي. الصخرة هناك منذ قرون، ثابتة كأنها تشهد على ما جرى. عندها تتوقف القلوب، ويشعر الزائر أن الزمن يعيد تشغيل نفسه.
موسم شعبان: حين تتنفس القرية
خلال أسبوع واحد في شعبان، تتحول القرية إلى حياة كاملة: خيام، أسواق شعبية، أهازيج دينية، وأحاديث لا تنتهي عن الكرامات التي حدثت في هذا المكان. آلاف الحجاج من حضرموت واليمن والخليج وحتى شرق إفريقيا يتدفقون نحو القرية، وكأنهم يعرفون الطريق بالحنين لا بالخريطة.
الزوار يبيتون في بيوت الطين القديمة التي تُفتح خصيصًا في هذا الموسم، ويجلسون في حلقات الذكر، ويمشون حفاة على رمال الوادي، وكلّهم أمل أن يلامسوا شيئًا من النور الذي حلّ يومًا في هذا المكان.
سحر الغياب: لماذا يهجرها الناس بقية السنة؟
رغم القدسية، لا أحد يبقى بعد الزيارة. كأن القرية خُلِقت لتكون بوابة روحانية، لا مكانًا للعيش اليومي. يعود الناس إلى قراهم، وتغلق الأبواب، وتطوى السجاجيد، وتبقى الرمال تحفظ الأسرار.
تقول الروايات إن المكان يُصان من السماء، وإن الأرواح الطاهرة تمر عليه، فلا حاجة لحراسة بشرية. هو مكان للتجلي، لا للسكن.
إنها تجربة خارجة عن المألوف
قرية النبي هود ليست مجرد موقع أثري أو نقطة جغرافية في حضرموت. إنها قصيدة منسية في قلب الصحراء، تقرأها الأرواح كل عام، وتعود لتغفو حتى الإذن القادم.
إذا كنت تبحث عن تجربة روحية لا تُنسى، عن مدينة بلا سكان تنبض بالحياة مرة واحدة فقط، فاجعل وجهتك في شعبان إلى حضرموت… إلى هناك، حيث الصمت أبلغ من الكلام، وحيث قبر نبي ما زال يُلهم القلوب عبر الزمان.